« فيما لوتمكن الانسان من تعديل القوى والموازنة بينهما (الابتعاد عن الافراط والتفريط)بالنسبة للعدالة يصبح انساناً.»
الامام الخميني ، تقريرات الفلسفة، ج3، ص:468
انّ النظام التكويني لعالم الوجود وخلال ما يتجلّى به الدين الاسلامي المبين، نظام يتميز بغاية الاتقان والجمال، إلى جانب كونه الاحسن والافضل، بما في ذلك خلق وايجاد كافة الكائنات فيه.. ابتداء من خلق الانسان والى وصوله إلى الكمال، كمال الغاية والهدف والتقرب الى البارئ الاعلى. فهذا الانسان الذي يتمتع بفيض الهي احسن واجمل يضمه، يمتاز كذلك، بشرف نفخة الهية، غريزة ربوبية، كرامة ذاتية وخلافة من الله تعالى. فالمسار الذي خطه الانبياء كافة للانسان، للوصول به إلى الكمال، باعتباره احسن المخلوقات، ان يكون مطيعاً للحق والحقيقة وذلك ضمن نظام تشريعي جاء به الانبياء، من الله تعالى. الشيئ المهم هنا، هو مطابقة النظام التكويني للنظام التشريعي ، على بُعدَين، ظاهر وباطن الانسان، على ان تكون الركيزة، مبدءاً موحّداً، وهو الخالق الاحد، وهو الاساس للنظامَين المذكورين المبنيين على الحق، العدل، والتوحيد. قال الله عزوجلّ«وخلق الله السموات والارض بالحق»الجاثية،22. وما قاله الرسول الاعظم (ص)في ذلك «بالعدل قامت السموات والارض».. وعلى هذا، فأنّ الله تبارك وتعالى، يأمر الانسان بالعدل، خلال النظام التشريعي: «انّ الله يأمر بالعدل والاحسان» النحل، 90 و«إعدلوا هو اقرب للتقوى»المائدة، 8.
بشكل العام، تتضمن "العدالة" المعاني التالية:
1- التوازن والتناسب
2-المساواة ونفي اي تفرقة مهما كانت.
3- مراعاة الاستحقاق والعطاء لكل ذي حق وما يستحقه.
ونستطيع القول بأنّ ذلك يوحي لنا، استقرار كلّ شيئ في مكانه الحقيقي والواقعي لذلك، فكل انحراف، افراط او تفريط او التعدّي عن الحد الموضوع، يُعتبر خلاف اصل العدل الذي يقوم عليه النظام التكويني للعالم والبشرية. وقد اوصى بذلك الخالق عزوجل، لغرض الوصول بالانسان إلى الحياة المادية والمعنوية التي يريدها الله تعالى له، في شتى المجالات الفردية، الاجتماعية والسياسية. قال تعالى«لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط»الحديد، 25 . لذلك، وخلال التعاليم الاسلامية، تم تحذير الانسان بل وانذاره بالابتعاد عن الافراط والتفريط في كافة شوؤن حياته، بما في ذلك، الشوؤن الفردية، خاصة في مجال الاجتماع الذي هو اساس استقرار النظام المتوخّى. يُستفاد مما ذُكر، بأنّ الشرائع الالهية وما جاء به الانبياء (ع)كافة، ولا سيما الشريعة الاسلامية، تبغي ايصال الانسان إلى افضل واحسن ما يكون وإلى أن يبتعد عن كل ما يُشوّه ذلك من تفاسير مُزيّفة، منحرفة وملتقطة، وان يبتعد ايضاً، عن التحجّر والرجعيّة والعصبية والجمود والامراض النفسية بما فيها الحب الذاتي والبغض.
الاسلام الصحيح في فكر الامام الخميني
إن الاسلام الصحيح الذي قدّمه الامام يليق بأن يتواجد في جميع ساحات الحياة الفردية والاجتماعية والسياسية للانسان المعاصر كما أنه يتحلى بالقدرة على إدارة الحياة المادية للبشرية بشكل معقول. هذا مع اهتمامه في الوقت ذاته بتحقيق العدالة الاجتماعية وإرساء الحرية والتحرر بين البشر. هذا الاسلام الاصيل في الوقت الذي يقارع فيه باستمرار الظلم والمترفين والسلطويين المستكبرين في العالم، يتخذ من الصراط المستقيم للوحي، اسلاماً وسطياً، بين افراط المتحجرين والسطحيين والمتعصّبين، وافراط المتجددين والمثقفين المنحازين الى الشرق والغرب.
الكلمات القصار:
- الاسلام جاء لانقاذ البشرية تماما كما جاء المسيح لانقاذ البشر، وكذا سائر الانبياء الذين جاءوا لانقاذ البشر. الاسلام اضافة الى اغنائه للروح فانه يغني الماديات ايضا، الاسلام دين سياسة قبل ان يكون دين معنوية.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج6، ص: 370
- يجب على رؤساء البلاد الاسلامية أن ينتبهوا بالتعقّل والتدبّر الى الخلافات في البلاد الاسلامية التي تعرّض وجودهم للزوال. إن الأيدي الخبيثة التي تزرع الخلافات بين الشيعة والسنة، ليست سنية ولا شيعية، بل إنها أيدي الاستعمار التي تريد نهب ثروات البلاد الاسلامية.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج1، ص: 344
- الأديان التوحيدية لا تحتل البلدان ولا تتعامل مع الناس بخشونه، وإنها تريد إخراج الناس من الظلمات إلى النور، والتركيز على عبودية الله.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج9، ص: 230
-إن مصائب المسلمين جميعها ناجمة عن الخلافات بين طوائف المسلمين، يجب على المسلمين أن يكونوا يقظين اليوم لأن اليوم هو يوم يقظة الشعوب كلها.. فلو أن مسلمي العالم اجتمعوا ولم يختلفوا فإن أية مشكله من هذه المشاكل لن تحدث لهم. ولو أن مسلمين اتحدوا وعملوا على أساس المسائل الإسلامية فإن المشاكل التي كانت لديهم وعاني منها جميع المسلمين طول التاريخ ستزول وتنتهي.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج15، ص: 399
- الدول المستعمرة تسعى الى خداع البلاد الاسلامية بمختلف الحيل، فتثير الخلافات أحياناً باسم الشيعة والسنة.. إنهم يقومون بالدعايات حتى ينشغل المسلمون بعضهم ببعض، فيستولون على ثرواتهم!
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج1، ص: 343
- نحن إخوة ولا يجب أن نختلف فيما بيننا. وعلى كل الإخوة من شيعة وسنة أن يحترزوا من وقوع الإختلاف. لو أمعنا النظر جيداً لوجدنا أن المستفيد الوحيد من هذا الإختلاف هم جماعة ليسوا من الشيعة وليسوا من السنة أو من أية فرقة أخرى بل هم فئة يعملون على بث الإختلاف بيننا وإيجاد التفرقة بين المسلمين. فالجميع مسلمون والكل يؤمن بالقرآن والتوحيد.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج13، ص: 49
- سعى المجرمون على طول التاريخ الى حجب الاسلام خلف الستار ومنع الشعوب من الاطلاع على هذه المدرسة التحررية والاستقلالية التي تحارب الظالمين وتقف الى جانب المحرومين.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج16، ص: 66
- لقد القى خبراء الاستعمار، من خلال التزوير والخداع، حجباً سميكة على وجه الاسلام المضيء.. وقدموا الحكومات.. الجائرة والمناهضة للاسلام الى المجتمعات باسم الخلافة الاسلامية، واخفوا الوجه الحقيقي للاسلام خلف هذه الحجب، بحيث أن من الصعب اليوم ان نقنع المجتمعات البشرية وحتى المسلمين بالحكومة الاسلامية وتشكيلاتها الاساسية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج2، ص: 266
-وليكن معلوماً أن العدالة حيث هي حدّ وسط بين الافراط والتفريط.. فطريق سير الانسان الكامل من نقطة النقص العبودية إلى كمال العزة الربوبية هو العدالة، وهي الخط المستقيم والسير المعتدل. وفي الكتاب والسنة إشارات كثيرة الى هذا المعنى، كما أنّ الصراط المستقيم الذي يطلبه الانسان في الصلاة هو هذا السير الاعتدالي.
جنود العقل و الجهل، ص: 138
- الأمة الإسلامية تسير على خطى مدرسة يتلخص برنامجها في كلمتين «لا تَظْلِمُون ولا تُظْلَمُون»
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج14، ص: 67
- لو يرعى القوانين التي أكّدها الإسلام رعاية دقيقة ستعطي أملًا في ايجاد مجتمع متقدم ومتحضر.. ونحن بالاعتماد على الإسلام وبعون الله نريد تجلية هذه الحقيقة المذهلة للعالم.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج5، ص: 228